اليمن وغزة- مسرح العبث العالمي وإهانة الإنسانية

المؤلف: حمود أبو طالب09.17.2025
اليمن وغزة- مسرح العبث العالمي وإهانة الإنسانية

لقد اتسع نطاق مسرح العبث في أرجاء المعمورة بشكل لا يصدق، متجاوزًا في سخافته أبعد التصورات، ومما يثير الأسى، أن منطقتنا تنوء تحت وطأة جرعات وفيرة من هذا العبث، ففي زمن يشهد فيه العلم والفكر والثقافة والوعي مستويات رفيعة، كان من المفترض أن تقل حدة الهمجية التي تزهق أرواح الأبرياء. ومن الفصول الحديثة لهذا العبث، الإعلان الأخير عن اتفاق بين الولايات المتحدة وجماعة الحوثيين، يقضي بتوقف الجماعة عن مهاجمة السفن وتهديد الملاحة، مقابل وقف الغارات الجوية الأمريكية المكثفة على المنشآت العسكرية الحوثية ومخازن الأسلحة ومقرات القيادة، وهي غارات مستمرة منذ مدة طويلة، خلفت دمارًا شاملاً في مناطق يمنية مختلفة. وهكذا، ببساطة شديدة، أعلنت الجماعة عن عجزها عن الصمود أكثر، بينما لم تهتم الحسابات الأمريكية إلا بسلامة السفن وتأمين الممرات المائية، غير آبهة بمصير اليمن وشعبه الذي يئن تحت وطأة سيطرة الحوثيين وممارساتهم التي تمثل قمة التخلف السياسي والفكري والإنساني منذ أكثر من عقد. إنه لمن المخجل أن يقف العالم المعاصر ومنظماته وقوانينه الإنسانية مكتوفي الأيدي أمام مأساة إنسانية مكتملة الأركان، يعاني منها ما يقارب ثلاثين مليون يمني، دون أن يحرك ساكنًا سوى لضمان مصالحه الاقتصادية والتجارية، والشيء نفسه يتكرر في غزة، حيث يعاني أكثر من مليوني شخص من الجوع والمرض ووحشية الآلة العسكرية الإسرائيلية، بينما ينشغل من يسمون أنفسهم رعاة السلام بنقل موائد مفاوضاتهم من مكان إلى آخر، دون اكتراث بتعداد القتلى الذي يرتفع كل دقيقة. هناك بؤر عديدة يزدهر فيها مسرح العبث، لكن اليمن وغزة يشكلان حاليًا أبرز تجلياته وأكثرها إهانة للإنسانية، فالشعوب لم تعد تحظى بالقيمة التي تستحقها، والقيمة العليا أصبحت تُمنح لاعتبارات وحسابات أخرى لا تضع الإنسان في صلب اهتماماتها.

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة